وفي نفس الوقت قدموا أروع الأمثلة في البسالة والكفاح ، وإذا به في أحد الليالي من فصل الربيع يدق باب منزلي احد الأصدقاء فخرجت له ورحبت به وركبت سيارته وتبادلنا أطراف الحديث لبرهة من الزمن فأحسست من خلال كلامه أنه يريد أن يخبرني بشيء سري للغاية أو خبر ذو قيمة ويخاف ولا يريد أن يسمعه أحد ، طبعا فلما أطلعني على صندوق سيارته فكانت المفاجئة أنه لغم مضاد للإفراد يبدوا من الفترة الاستعمارية لأنه كان به الكثير من الصدأ ، وجده في المنطقة بين الدرمون التابعة لولاية باتنة وزريبة الوادي بولاية بسكرة وهي منطقة كانت أحد قلاع ثورة التحرير ومنطقة محرمة خلالها وهذا عندما كان في جلسة شواء هو وأصدقائه وأبنائهم فوجدها قد ظهرت على سطح الأرض بسبب إنجراف التربة لما كان بصدد جمع الحطب تحضيرا لاستعماله في تحضير الشواء ، فما كان عليه إلا أن احتفظ بهذا اللغم إلى حين الاتصال بي ... وبهذا يثبت ميزة المواطنة والوطنية الحقيقية التي يجب أن يتحلى بها كل الجزائريين ، فقد عرض حياته للخطر لكي لا يقع هذا اللغم بين أيدي أناس لا يعرفون خطورتها أو رعاة الأغنام أو أطفال يلعبون بها كما حدث من قبل حيث لقي طفل يقطن بمدينة زريبة الوادي حتفه في انفجار لغم يعود إلى الحقبة الاستدمارية وتسبب إنفجار اللغم في تحويل الطفل وهو تلميذ في المدرسة إلى أشلاء متناثرة رحمة الله عليه كم كانت فرحتي كبيرة بهذا الكنز التاريخي وفي نفس الوقت خوفي الكبير من خطورته ولكن كم كان ذلك الشعور الجميل يغمرني الممزوج بمشاعر فخر وعزة لما قدمه أجدادنا من أجل هذا الوطن الأبي فالمجد والخلود للشهداء .
فما كان علينا إلا وان توجهنا إلى الأطر والسبل القانونية التي تهتم
بمثل هذه المآثر التاريخية التي تجمع ما تركه المستعمر الغاشم لتبقى دليل على بطشه
وجبروته ووحشيته ... حيث سجل اللغم ووضع بالمتحف الجهوي للمجاهد العقيد محمد شعباني ببسكرة ، بعد أن قام متخصصوا الأجهزة
الأمنية الجزائرية من خدمة التخلص من الذخائر المتفجرة بفحص اللغم القديم الذي
اعتراه الصدأ والذي يعود للحقبة الاستعمارية . المجد والخلود للشهداء وتحيا
الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق